8 أيار 1828

16 أيّار 1828

8 آب 1831

1851 - 1853

1 تشرين الأوّل 1853

1853 - 1859

14 كانون الأوّل 1858

23 تمّوز 1859

1859

1859 - 1875

15 شباط 1875

1898

24 كانون الأوّل 1898

15 نيسان 1899

4 أيّار 1925

1926

24 تمّوز 1927

25 شباط 1950

22 نيسان 1950

1 آب 1950

2 نيسان 1954

23 آب 1965

5 كانون الأوّل 1965

9 تشرين الأوّل 1977

22 كانون الثاني 1993

القدّيس شربل

8 أيار 1828

16 أيّار 1828

8 آب 1831

1851 - 1853

1 تشرين الأوّل 1853

1853 - 1859

14 كانون الأوّل 1858

23 تمّوز 1859

1859

1859 - 1875

15 شباط 1875

1898

24 كانون الأوّل 1898

15 نيسان 1899

4 أيّار 1925

1926

24 تمّوز 1927

25 شباط 1950

22 نيسان 1950

1 آب 1950

2 نيسان 1954

23 آب 1965

5 كانون الأوّل 1965

9 تشرين الأوّل 1977

22 كانون الثاني 1993

أعجوبة التقديس

كانت مريم عسّاف عوّاد من شكرا، إزرا، دارا (في سوريا) أصلاً، ومن حمّانا (لبنان) مسكنًا، مُصابة بمرض السرطان، فأُجريَت لها ثلاث عمليّات سرطانيّة ما بين 1963 و 1965: العمليّة الأولى أُجريت في المعدة والثانية في المعى، أمّا الثالثة فأجريت في الجزء الأيمن من العنق. لكنّ هذه العمليّات لم تنجح باستئصال السرطان من جسمها. فبدأت مريم تصلّي للطوباويّ شربل…

أصيبت اللوزتان بمرض السرطان، وكانت تتألّم كثيراً منهما، وتجد صعوبةً كبرى في البلع، وقد بدأ صوتـها يضعف، وأصبحت اللّوزتين بحجم الجوزة ولونهما أحمر. رفضت كلّ علاج، حتّى المعالجة بالأشعّة Radiothérapie، وإنما كانت تطلب من مار شربل، إمّا الشفاء ممّا تعاني منه، وإمّا القوّة لتحمّل هذا المرض. وفيما كانت يوماً جالسةً في سريرها رفعت الصلاة والابتهال الشخصيّ التالي إلى مار شربل: "ألا مَننتَ عليّ بالشفاء من هذا المرض، وأنت القدّيس العظيم الذي شفى العميان والكسحان! وعندما أُشفى من هذا المرض أذهب لأشكرك في مزارك".

وكانت قد طلبت الشفاء مساءً قبل الرقاد، وفي الغد تمّ الشفاء وأصبحت معافاةً وسليمة. وأتت مريم وفاءً لنذرها، إلى دير مار مارون –ضريح القدّيس شربل، تشكره وتشهد لعظمة عمل الله من خلال قدّيس عنّايا.


روحانيّة القدّيس شربل مخلوف

شابَهَ شربل في حياته معلمّه الرب يسوع في مسيرته التي بها خلّص العالم. فكما أنّ الربَّ يسوع انحدر من عند الآب وسكن أرض الشقاء ثم عاد بها وأصعدها إلى الآب، هكذا شربل عاش حركة النزول فالصعود في حياته الروحيّة. لقد انحدر شربل من قرية بقاعكفرا، أعلى قرية مسكونة في الشرق الأوسط، ليعيش إخلاء الذات في كرم الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، فيبدأ من جديد مسيرةً تصاعديّة على طريق جلجلة محبسته ليلاقي الآب السماويّ على قمم الروح. رافعًا بذلك الخليقة كلّها معه كمعلّمه الإلهيّ الذي قال " وأنا إذا رُفعت من الأرض جذبت إليّ الناس أجمعين" (يو١٢ : ٣٢)

اتّسمت حياة شربل بالزهد، فزهدَ طيلة حياته بكلّ ما للدنيا مدّخرًا له كنزًا في السماوات لا يبلى. فكان زهد شربل الأوّل زهدٌ يطال الوالدين. فمع وفاة والده وزواج أمّه راح شربل يدرك يومًا فيومًا أنّ في حياته ثابتٌ واحد وهو الله. لذلك أخذ شربل يبحث عن تجليّات سرّ الله في حياته وفي الكون من حوله.

قصد الكنائس وزار الأديار فشُغف بالزهّاد الذين وقفوا حياتهم على العبادة بالتأمّل والصوم والصلاة. وراح يميّز في مجرى حياته صوت الله الذي يدعوه لاعتناق الحياة الرهبانيّة. وعندما تأكّد من الدعوة لم يتردّد لحظةً عن تقديم فعل زهد ثاني بترك البيت الوالديّ والمضيّ للسُكنى في بيت الآب السماويّ. إنه فعل الانسلاخ الذي لا بد منه لطالب الترهّب.

راح شربل بخطوة زهد ثالثة يسير طريقة الترهّب ليخلع عنه آدَمَ القديم فيلبس يسوع المسيح آدم الجديد. وذلك بعمليّة تتلمذ مستمرّ على أيدي رهبان أفاضل، وقدّيسين كالأب نعمة الله كسّاب الحردينيّ. عملية التتلمذ هذه خوّلت شربل أن يميت ما فيه من رذائل ليكتسب الفضائل الإلهيّة والرهبانيّة والإنسانيّة.

دفعت فضائل شربل السلطة الرهبانيّة إلى تقديمه لنوال سرّ الكهنوت. فشابه شربل بكهنوته معلّمه الإلهيّ الكاهن الأوحد، إذ راح يسير معه بخطوة زهد رابعة. استقى شربل خدمته الكهنوتيّة من المسيح، فراح يخلي ذاته ويخدم المسيح المتجليّ في وجه كلّ إنسان. وعلى مثال ذلك الذي أطاع حتى الموت، عُرف شربل بطاعته الملائكيّة التي رافقته حتى الموت.

في طيّات أعجوبة إضاءة سراج الزيت عَرَفَ شربل كيف يخطو خطوة زهد خامسة المتجليّة بإخلاء الذات من الأنا، ومن كلّ معرفة منطقيّة، للدخول بحالة التسليم المطلقة إلى الذات الإلهيّة. فقد فهم شربل أنّ الإله الذي يخلق من العدم نور، لن يصعب عليه بأن يخلق من المادّة نور: إنّه الإله الذي يجعل من المستحيل ممكنًا. خطوة الزهد هذه سمحت للنور الإلهيّ بأن يسطع من شربل نفسه فكانت علامة لمن حوله من الرهبان بأنّ موسم الحصاد قد حان، ومرحلة الصعود نحو قمّة المحبسة قد بدأ.

كانت المحبسة لشربل مرحلة اختبار روحيّ معمّق. فراح يضاعف جهده في خطوةِ زهدٍ سادسة تصاعديّة. ترافق شربل، من على جلجلة عنّايا، والمسيح على طريق جلجلته. فصَلَبَ ذاته في تأمّل وصلاة واستغراق في الله حتى عُرف بالراهب السكران بالله. سكره بالله جعله ينسى حتّى جسده فكادت صاعقة تحرقه إبّان الشتاء دون أن يدرك. وهكذا، طيلة ثلاثٍ وعشرين سنة، جاهد شربل باستمرار ليستغرق تصاعديًّا في سرّ الله، بغية الاتحاد بمن تحبّه نفسه.

كَلّلت حياة شربل الزاهدة خطوة زهدٍ سابعة تجلّت بتسليم ذاته المطلق، بالموت، بين يدي الله، " يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي" (لو 23: 46). فموته لم يكن سوى عبور من الحياة إلى ملء الحياة، فأضحى شربل بذلك منارة تهدي الشعوب إلى قلب الأب. وذلك يُستشفّ ممّا كتبه رئيس الدير يوم وفاته إذ قال " شَاهَدَ أَهْلُ الجِوارِ لَيْلَةَ دَفْنِهِ نُورًا يَتَلَأْلَأُ فَوْقَ ضَرِيحِهِ". لَخَّصَت حياة شربل، بزهدِهِ الكامل، قولَ الربِّ يسوع "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ." (يو 12: 24)